الثلاثاء، 18 أبريل 2017

رسائل بين فتاتين حالمتين (الرسالة الاولي )


في عصر التكنولوجيا السريعة والبريد الالكترونى وتحت هذه التدوينة، سأنشر أنا وصديقتي سميحة الصواف رسائل ورقية متبادلة بيننا ،محاولين أن نطل برؤسنا خارج الصندوق ،رسائل سوف نتبادل فيها الحب والأغاني والأفكار والرأي ووجهات النظر المختلفة، لتنمو بيننا ذاكرة مشتركة لا يمكن أن يمحيها الزمن ،وكوسيلة لتحسين الوضع السيئ والمشاعر المرهقة والبحث عن لحظات قليلة للسعادة والجنون ،عبر هذا الواقع الإفتراضي لهذا 
العالم التعيس .

عزيزتي ريم                                                  
            لقد كنت متشوقه جداً لأخط لك أولي رسائلي ،وحاولت بكل جهد أن أجعلها بتميز مشاعري نحو التجربه ككل ولكن كالعالدة تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن ! لقد بحثت طويلا علي ورق مناسب للجوابات ،فلوسكاب لكن مميز قليلاً ،أصفر اللون برسومات رقيقة علي الحواف ربما تشجعني علي الاستطراد بالحديث وتشجعك لتكمله القراءه ،لكن بعد بحث طويل في السوق المجاور لمحيط سكني لم أجده علي الأطلاق رغم كوني أقسم إني رأيته بالسابق لكن لا ضير !
كان علي أن أنتهز فرصة تدفق الكلام بعقلي الواعي حيث تجاوز عقلي الباطن الذي يؤنسني بساعات نومي بتشكيلة كوابيسية المنمقة .
هكذا مزقت ثلاث ورقات في طريقي لخط كلماتي  تلك في رحلة محاولتي أن أكون منمقه وأخطها بالحبر وليس بالرصاص ،لكن كالعادة لم يسعفني ولم أشعر بأي أرتياح وأنا أستعمله ! صدقاً لا أعلم لما أشعر بالأحباط جهة القلم الحبر دوماً ،لا أشعر بالأنس نحوه علي عكس القلم الرصاص .
ربما لكم الإختيارات اللائي يتيحها القلم الرصاص ،من العودة بقرار ما كتبته فيكون من السهل أن أمحيه دون خسائر فادحه .. علي سبيل الصدفه فهذه الجملة "دون خسائر فادحه" كانت عنوان لأول كتاب شعر أصدرته صديقتي وقد حضرت حفلة توقيعه ،وكان هذا منذ أربع سنوات وربما أكثر ،كان حينها جيداً من وجهة نظري ،بينما حاولت منذ أقل من سنه إعادة النظر بأمره فوجدته عبارة عن حثالة أفكار ،اللعنه علي نضجنا الذي يحيل كل جميل بالسابق إلي مجرد حثاله...
الجانب المشرق الوحيد بهذا كوني ربما يوماً ما سأعيد النظر في تفضيلي للقلم الرصاص عن الحبر وسأتذكر كم كنت واثقه من مشاعري تجاهه وكم أصبح هذا غير منطقي علي الأطلاق .
نهاية، أعدك بكوني سأبذل مجهود أكبر لأجد ما أصبو إليه من مواصفات للورق الذي سأخط عليه كلماتي القادمه إليك.
وبكل تأكيد سأعيد النظر في أمر القلم الرصاص هذا...
 .
                                         صديقتك الوفية
                                           سميحة الصواف ..

الجمعة، 14 أبريل 2017

بلا عنوان


كل ليلة أنام وفي داخلي رسالة لم تكتب ، كل ليلة أتحدث الي الأشخاص المقربين في هذه الرسالة ،احكي  في بداية حديثي عن الأشياء الجميلة ،دائمآ ما ابدأ بالجماليات كي أبدو صلبة ومبهجة ،كي ابدو وكأنني لم اخسر شيئاً، لكنها تبقي رسالة معلقة .
نقص وزني بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة ،لقد تحدثت مع طبيبي عن الأسباب وهذا لا يثير قلقي ،ولكن صوتي ، صوتي مهزوم وهذا أكثر مايقلقني ،الجميع يعرف صوتي جيداً يعرف انه أصدق مفتاح لروحي ، انعدمت من نبراته البهجة ،الأن يعلوه الصدأ وتسكنه الهشاشة، لا أكاد اكمل جملة الا وقد لمحت في أعينهم ذلك الأسى.
الجميع يلحظون هذا ولكنهم يحاولون تجاهل الأمر ويدعون عدم رؤيته ،تماماً كما ينبغي عدم الحديث عن رابطة شعر جميلة أمام فتاة صلعاء ومريضة .

أتذكر منذ سنوات عندما كنت في المرحلة الثانوية أثناء قراءة درجات اختبار منتصف العام ،حصلت على 19 من 25  , لم يجعلني ذلك حزينه ولم يجعلني سعيدة بالمقابل ، الا انه عندما جاء صوت أستاذة الفلسفة معاتبًا  لي ” ليه ؟ ، لماذا يستمر مستواكي بالأنخفاض ” انفجرت بالبكاء .
أدركت في هذه اللحظة المعني الحقيقي لفكرة العتاب وكيف يمكن أن تقتلني كلمة عتاب واحده وغير مقصودة تقتلني دون رحمة ،ضاربة بالحزن اعماقي ايًا كان سببها.

عندما قرأت رواية "المسخ" لكافكا وهي رواية يتحول بطلها
" جريجور سامسا " الي حشرة بشعة وضخمة تثير أشمئزاز جميع من حوله ، لم يدهشني هذا التحول البعيد عن الواقع
 " أنسان يتحول الي حشرة" ولا كيفية تعامل عائلته معه بطريقة مليئة بالقرف والأشمئزاز وتنكرهم له وتمنيهم الموت لهذا الكائن المنبوذ الذي بات غريب عنهم ، ولكن ما أدهشني حقًا هو مدي تقبل جريجور لنفسه ، لم يشعر بالأمتعاض والأستياء كونه أصبح حشره ،ان تعتاد كونك أصبحت سيئ وبشع حتي أنك حشرة .
قل أني سيئة منذ البداية لكن لا تقل اني ” أصبحت “ سيئة ، لاتسمح للزمن بأن يحقق وجوده فينا ، لا تسمح لهذا اللعين ان يغيرني، أن يغير جوهر الأشياء بداخلي، أن يصبغ بمصائبه صوتي بالأسي والحزن ،أنا احاول ان أتجنب حدوث ذلك، احاول أن أنسى أنني أكبر وأتغير.
في الايام الأخيرة حاولت ان أتجنب العزلة والأكتئاب، قرأت ،أنفعلت ،صرخت ، وقفت أمام المرآة في محاولة قوية لرؤية الجانب الذي يشبهك في ، كنت أمسك بهاتفي ،أشعر بالمهزلة أحيانًا والأبتذال كيف أنك تسكن شاشة بحجم يدي ؟! في لحظة ألعن الظروف والحظ السئ ولحظة بعدها أتراجع عن شتم المسافة التي تحول بيننا لأن هذا عملها ، عملها أن تكون مسافة تفصل بيننا وبيني ما نريد ،هي تمامًا مثلها مثل عملي أنا وأنت أن نتحرك لنمسك بإيدي بعضنا في مكانٍ ما أكثر واقعية من الهاتف ومواقع التواصل ،وقد حاولت أكثر من مرة أن لا أصخم من أهمية هذا التعقيد الالكتروني السخيف الذي ربطتننا به العاطفة والظروف ليجمع قصص وحكايات كثيرة تحت مسميات أكثر ،ولكن ماكان يشفع لهذا التعقيد والسطحية في الوقت نفسه هو أنني كنت أشعر بالهدوء والألفة حين أقرأ محادثاتنا القديمة ، الهدوء الذي يتحول الى دفء حالما تتواجد ،وتسأل ،وتكتب ..
وبعد أن أغلق الهاتف أشعر بالسطحية والطفولية نوعا ما ,ولكن يؤلمني أنك تمر مع الجميع أمام هذا الظمأ دون أن تمد يدك لي كأسًا ، يؤلمني أن صوتك سيسحق المسافة لو انك ظللت تحدثني ، ولكنك لم تفعل ، هل تؤمن بمثل هذه الأمور ؟ هل تؤمن بأني الأن بعد منتصف الليل وانا افكر فيك أثر موجة هواء ربيعيه باردة وسماء معتمة ليس بها نجوم أو قمر ، أود وبشدة ان تختلس الحياة لي نظرة اليك ، هكذا دون ان نلتقي ، أريد التأكد منك ، اود أن المس حقيقة وجودك معي على نفس الكوكب وتطلعك الى نفس السماء. هل تؤمن بمثل هذه الأمور التي يمكنك وبكل أريحية أعتبارها تافهه ؟
ترا ما الذي أجنيه أنا من زرع الشكوك والتساؤلات؟
ما الفائدة التي ستعود علي من تهييج المشاعر؟
ومن أكون انا حتي أختبر العالم ؟ أم أني أختبر نفسي ؟ ولماذا أتحدث بهذه الثقة وكأن العالم أو شخص واحد علي هذه الأرض يولوني الأهتمام ؟ لماذا أتحدث وكأنني شخص معروف؟
حسنا .. أنني مرهقة الآن ، غدًا سأفكر في طريقة أقل خطورة للعقل ومهانة للروح وأكثر راحة للقلب والبال لإيصالك هذه المشاعر المعقدة  .
أن كنت تقرأ هذا الآن فلا تغضب ،ولا تقل بأني بالغة الحساسية ﻻن هذا يثير أحتقاري لنفسي .
ولكن كل ما توقعت حدوثه حدث بطريقة عكسيه بقدر توقعي ، في كل مرة ابذل جهدي لتوقع هدوء قادم تأتي عاصفة جديد لتنسف معها كل التوقعات، أخيراً توقعت أمراً بسيطاً، بسيطاً جداً بحيث كان يمكن للحياة كان أن تسايرني فيه ،ولكن لا تكف الحياة عن هدم كل التوقعات وأعادتنا الي أرض الواقع، كل ما أريده الأن هو أن تبرر لي الحياة مايحدث ، هل كان من الضروري أن أعيش هذه التعاسة مبكراً ؟ لا اعرف .
 الليل عند المنتصف ، الألات الموسيقي تنشد عزفها العذب بأذني والافكار تبث في رأسي من مكان الى أخر ، وصوتك يعود مرة أخري بنفس النبرة القوية التي غرزت انيابها في قلبي منذ اللحظة الأولي لسماعه.