الثلاثاء، 23 مايو 2017

اليوم الأخير

لو كان هذا اليوم هو يومي الأخير، سأبقي مستيقظه في سريري ، سأطيل البقاء فيه ، سأتأمل السقف كثيراً، وكأنه السماء مليية بالنجوم ،بها القمر بأبهي وجه ، سأجول بنظري بين الجدران، وكأنني أراها للمرة الأولى ، سأدقق في تفاصيل المكان ،انا اهتم بالتفاصيل الصغيرة ،
سأفتح النافذة في الصباح .. الشمس تبدو على غير العادة باهتة رغم أن الجميع يشعر بأشعتها متوهجة ، سأنظر إلى نفسي في المرآه، أبدو حزينة اليوم ،ربما الحسنة الوحيدة للحزن أنه يضفي بعض الجمال علي الوجة ،ولكن هل سيساعدني الجمال في تمديد وقتي في الحياة ؟ سأحصي عدد الكتب المركونة علي المكتب ،ربما أربعة أول ثلاته .. لقد قرأتها كلها، ما فائدتها الآن ؟ ساحصي عدد الكتب التي قمت بتحميلها علي هاتفي ووضعتها في قائمة القراءات اللاحقه مع بعض الأفلام ،اتري متي سأستأنف قرائتها ؟ سأسقي نباتاتي المصفوفة علي الشرفة. ما الجدوى من وجودها؟

سأسأل نفسي أسئلة وجودية كثيره ، ياتي بها عقلي من كل زمان ومكان ، سأسأل نفسي دون أن ابحث عن إجابة، هل عشت حياتي كما أريد ، أم أنني في كل تلك الفترة تواجدت فقط كضرورة حتميه لوجودي ؟ سأسأل نفسي دون أن يتكبد عقلي عناء التفكير فيما إذا كنت نادمة عن تبديد سنواتي السابقه في الفراغ، سأسأل نفسي دون أن أرغب في معرفة الأجابة كاعادتي إن كان لوجوي فائدة؟

سأذكر نفسي اني كم تمنيت أن أسافر لكثير من المدن والبلدان ، وأني جربت ولو لمرة واحدة أن أتفوق على نفسي وأخوض تجربة جنونية للسفر دون علم عائلتي ، وسأذكرها أن الخوف من عواقب هذا لم يمنعني من الاستمتاع بالتجربة ، سأتذكر كم حلمت أن أستيقظ في المكان الذي أحب مع الإنسان الذي أحب، سأتذكر كم رغبت بشكل قوي وحقيقي ، أكثر من أي شيء آخر أن أصادق أبي وأمي أو أن أفهمهم على أقل تقدير ،لكن ما الفائدة من تحقيق الأحلام الآن؟

سأقرر بأن لا أحجز لأقرب رحلة الي المدينة السياحية الاكثر جمالا هنا في بلدي والتي أود وبشدة قضاء بعض أيام هذا الصيف الحار جدا فيها ،ولا حتي أسافر لبلد الأحلام، سأقرر بأن لا أجرب القفز من فوق السحاب مثلما راودني ذلك في حلم من أحلامي الفانتازيه وبعدها فكرت ان اجرب القفز بالبراشوت لأتحايل علي الواقع في تحقيق هذا الحلم ، وأن لا أتذوق اغرب الأكلات من كل دول العالم أو أن أذهب إلى أدغال إفريقيا أو جزر المالديف أو جسر العشاق أو أزور البندقية أو ان أنام في بيوت الجليد  .لازلت لا أفهم لماذا يختار الناس أن يفعلوا هذه الأمور عندما يسألوا عن أمنيتهم الأخيرة؟ لماذا لا يفعلوها وقد كان هناك متسع في عمرهم ليستمتعوا بها أكثر ؟ هل حصرية لآخر يوم من الحياة؟



لن أعتذر ممن أجلت اعتذاره، لو كان علي ان اعتذر لأحد لكنت أعتذرت لمن أسأت اليهم في نفس اللحظة ، لن أعترف بمشاعري الحقيقة سواء حب او كره لمن أخفيتها عنهم طوال ايامي الماضية ، فهناك منطقة مظلمة داخل كل أنسان لا يراها أحد ،وهذه هي منطقة المشاعر الخفية ، ويجب ان تبقي هكذا ، لن أقول أحبك إلا لمن اعتدت أن أقولها له، ولو بغضت احد لاني لم اعتاد الكره ،لن افصح عن بغضي هذا طالما امتنعت في الماضي عن هذا الفعل، لن أخبر الجميع بأني سامحتهم، ولن أطلب السماح من أحد. لقد كان لدي الكثير من الوقت لأقول كل هذا واعتقد اني فعلته بما يكفي في هذه الحياة ، ولم يعد لهذا فائدة الآن، أنا لا أحب فكرة اللعب في الوقت بدل الضائع، لا أحب الوقت بدل الضائع من الأساس.

سأقبل أمـي وأخوتي ، تماماً كما أفعل دائما ، سأنظر إلى أبي، دون أن أقول شيئاً عندما أكون غاضبة ، وسينظر إلي دون أن يقول شيئاً، تماماً كما يفعل. سأطعم قطتي وأمسح علي رأسها وأداعبها قليلا ، ثم أعود لغرفتي وأغلق الباب تماماً كما أفعل كل ليلة ، سأرتب ملابس وأغراضي واوراقي رغم اني كأئن فوضوي وأفضل رمي الأشياء هنا وهناك ،ولكني أجبرت أن أكون منظمة ،سأضع كل شيء في مكانه تماماً كما تفعل أمي والان لا أريد أن أخلف ورائي أي فوضي ،لا أريد أن أخلف ورائي أي شئ اصلاً ، ربما سأحرق كل أشيائي، ما الفائدة من التخليد ، شغف الإنسان للتخليد لا يفهم ، كان دائماً موضع سؤال بالنسبة لي ،ما جدوي أن يبقي ذكرك أو أسمك أو أشيائك وانت لست هنا ؟!

سأتمنى لو تمهلني الحياة دقائق ، تهبني وقت أضافي أكون فيه بالقرب ممن أحب، أراقبه وهو نائم في صمت ، أمسح وجهه وأقبله في جبينه أو بين عينيه، سأتمنى لو كان بأمكاني أن أكتب له رسالة، من كلمة واحد ققط “آسفة”.
 آسفة لأني الأن اتركك وحيداً ، آسفة لأنك الأن تتكرني وحيدة، آسفة لأنك ستعيش وتحب من جديد.

 سأبكي كثيراً، أو قليلا ، ربما دمعة واحدة .. لا أعلم ما الذي سيريحني  ربما لن أبكي أبداً ، سأشعر بالخوف .. الخوف الذي لن يزول، الخوف الذي عاهدته دائماً، لن أستطيع أن ابتسم حتي لزاوية صغيرة من شفتاي ،لا يمكن أن أستقبل الموت وأنا سعيدة، سأغمض عيني، وأنتظر متمنية أن لا يقل شعور الموت عن لذة شعور النـوم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق