الثلاثاء، 9 مايو 2017

رسائل بين فتاتين حالمتين (الرسالة الثانية )


في عصر التكنولوجيا السريعة والبريد الالكترونى وتحت هذه التدوينة، سأنشر أنا وصديقتي سميحة الصواف رسائل ورقية متبادلة بيننا ،محاولين أن نطل برؤسنا خارج الصندوق ،رسائل سوف نتبادل فيها الحب والأغاني والأفكار والرأي ووجهات النظر المختلفة، لتنمو بيننا ذاكرة مشتركة لا يمكن أن يمحيها الزمن ،وكوسيلة لتحسين الوضع السيئ والمشاعر المرهقة والبحث عن لحظات قليلة للسعادة والجنون ،عبر هذا الواقع الإفتراضي لهذا 
العالم التعيس .

عزيزتي الرائعة
                  سميحة
لست بصدد أن أكتب شيئاً مبهراً ، ولكني أتمني أن تترك أولي رسائلي لديك شعور بالألفة والصدق ،ولقد ساعدتني فكرتك علي ذلك كثيراً ، فكتابة لرسائل تجعل المرء يعيش حالة خاصة من المشاعر وعلاقة مميزة مع الورقة والقلم ،فتتبح بذلك فرصة أكبر للتعبير الوجداني ،ربما تبدو هذه للبعض فكرة جنونية ولكني أراها بنفس القدر كلاسيكية ، وهذا يتناسب تماماً مع شخصيتك المبهجة والمحبة للحياة رغم وجهها القبيح.
وما أثار حماسي ايضاً لفكرتك هو " التمرد"  ،
التمرد علي هذا الجمود العاطفي الذي سجنتنا فيه وسائل التواصل الحديثة ،
التمرد علي الزيف والأستعراض والتصنع والرغبة في الظهور ،
التمرد علي كل هذه الكلمات التي رصفناها كنمال مجندة  علي أوراق إلكترونية لا حصر لها ،ثم أرسلناها ففقدت معناها عبر أفتراضية هذا العالم البائس.
سأكمل حديثي عن هذا الموضوع معك لاحقاً ، أو ربما في تدوينه مخصصه له .
ولكني الآن أود أن أخبرك أن رسالتك غمرتني بالبهجة والسعادة ،لذلك لا تهتمي كثيراً ولا ترهقي نفسك في البحث عن الاقلام والأوراق الأكثر جمالاً ،فرسائلك تعني لي الكثير حتي لو كتبت علي أوراق مناديل أو بأحمر الشفاه خاصتك.
أما بخصوص ما ذكرته عن علاقتك المتوترة مع القلم الحبر وتفضيلك للقلم الرصاص عنه ،أعتقد انني أستطيع أن أتفهم هذا وربما هذا يرجع لعلاقتنا جميعاً المتوترة مع ماضينا ،بما يحمله من أراء وأفكار وقرارات دافعنا عنها بالسيف قبل القلم في وقت سابق ،وأستطعنا أن نلمس تأثيرها علينا بعد حين ،متمنين لو أنها  كانت كتبت بقلم رصاص إذ أننا يمكنا بخطوة واحدة محوها جميعاً ،دون أن يخلف ذلك فينا ندوباً لا تزول .
وعلي ذكر الماضي سأخبرك بشئ تذكرته الآن وهو حقا يدعوا للضحك والسخرية ...
في الماضي كنت أتصور .. لا بل أؤمن أنني لست أكثر ولا أقل نفعا من صخره ،حبة رمل ،وردة أو عصفور ،اما الآن فأنا لدي قناعة - مؤقته - أنني أقل نفعا منهم بكثير ،ولكني مثلهم جزء من تناغم هذا العالم .
وربما بعد ساعة من الأن سألقي بكل هذه التصورات والقناعات بكل قوة في أول سلة مهملات تصادفني ، أترين - أستطيع أن أراكي تضحكين علي هذه التصورات ،ولكن ماذا يساعنا أن نقول غير أنها تصورات فتاة حمقاء.
ربما ستتحسن علاقتك بالقلم الحبر اللعين هذا عندما نتوقف جميعا عن القلق بشأن ما مضي وما هو أت ،عندما نستطتيع أن نتصالح مع فكرة أننا كبشر يمكننا أن نمتلك أفكار اليوم ثم نحيد عنها في اليوم الذي يليه ،وانه لابأس من أعادة النظر في بعض الأمور بين الحين والأخر دون التذمر من عواقب هذا ،
وأن ما مررنا به هو ما هيئ لنا أن نكون نحن الآن ،ولو كان هذا هو ثمن شعورنا بالحياة فهو ثمن سندفعه بكل رضا .
نعم صحيح أنا لا أملك تدابير حكيمة ولا نصائح نيره بشأن هذا القلق المضطرم في تجويفنا الصدري ،ولكني لدي يقين لا يساوره شك بأنك رائعة ومكتمله ، بكل هذه الأشياء التي تركها العالم والبشر بداخلك ، مره بعد مره وتجربة بعد الأخري ،هفواتك ، اختياراتك ،أخطاءك ،تجاربك ، نجاحاتك وحتي الأعين الكاذبه والمدعية من حولك .
أخيراً. ماذا أخبرك عني ،يكفي ما ثرثرت به طوال هذه الرسالة ،سأختصر حالتي هذه الفترة بجملة واحدة ..
أشعر أني أنطفئ في حين أن كل ما حولي يبالغ بالتوهج .

                                  سامحيني علي الخط السئ
                                        صديقتك الوفية
                                                  ريم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق